تعد شلالات أوزود من أشهر المناطق الطبيعية في المغرب، و هي تقع في واد أخضر وهي موطن لنباتات وحيوانات متنوعة، حيث أن محيط المنطقة غني بالتنوع البيولوجي ، وهو موطن للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية الفريدة، قرب أزيلال بإقليم بني ملال، وسط جبال الأطلس ، على بعد حوالي 150 كيلومترًا شمال شرق مراكش. تجذب هذه الشلالات العديد من الزوار كل عام. ومع ذلك ، فإن هناك مخاوف متزايدة بشأن تراجع هذه الشلالات و إنخفاظ معدلات صبيب مياهها وعدم وجود برامج فعالة للحفاظ على البيئة لحمايتها.
ذاع صيت شلالات أوزود كوجهة سياحية أكثر من أي وقت خلال العشر سنوات الماضية، حيث جذب خلالها آلاف الزوار كل سنة و من كل صوب، للإستجمام و للاستمتاع بالمناظر الطبيعية و برياضة المشي … و بالسباحة وسط الخزان الطبيعي للمياه المتساقطة من مرتفعات الشلالات !
… ثم نرى الوجه الآخر لللوحة، حيث أن هذه الشهرة السياحية الكبيرة للمكان سببت لشلالات أوزود و للمحيط التابع لها عدة مشاكل بيئية. أدت إلى زيادة الضغط على النظام البيئي الهش في المنطقة و إنفجرت مستويات التلوث و كميات المخلفات العشوائية التي يتركها الزوار وتدهورت البنية التحتية السياحية الإرتجالية، ليترك كل هذا تأثيراً جدَّ سلبي على المياه والبيئة الطبيعية.
لم يقتصر الوضع الحالي المحرج على النقط السالف ذكرها، بل ما يزيد الطين بلة هو إنعدام أية برامج إعادة هيكلة الموقع على أسس صحيحة، حتى يتوقف النزيف و تُفعلُ منظومة سليمة و علمية، تعتمد على آليات إحترافية، من أجل الحفاظ على موقع شلالات أوزود و لحماية النظم البيئية الهشة المحيطة بالموقع.تحتاج منظومة المحافظة على موقع شلالات أزود إلى أخذ عدد من القرارات السريعة و الصارمة و التي من جملتها : توقيف الإستغلال الجائر للموقع من قبل الفعاليات التجارية العشوائية و المرتجلة و التي تعمل بدون تراخيص أو بتصاريح مجاملة، إذ لا يعقل وجود ذلك الكم الهائل من المقاهي و المطاعم العشوائية على مشارف و ضفاف تلك التضاريس الهشة، منتجة لكميات يومية هائلة من النفايات و أنواع التلوث بكل أبعاده، ما أدخل عُمُرَ الموقع في عد تراجعي.
…و أكثر من أي وقت، فإن موقع شلالات أوزود يحتاج إلى إعادة هيكلة مناظرية و إلى أخذ تلك القرارات التي سوف تؤطر و تقنن مناهج إستغلال الفضاءات الموجودة في المحيطات المباشرة و الغير المباشرة للموقع، و أن تفرض ميثاقاً جمالياً موحداً لكل المنشئات التجارية التي سوف يرخص لها.
…كما أنه من جهة أخرى، يجب التوقيف الفوري و النهائي لكل فعاليات القوارب و الطوافات المرتجلة و التي لوثت المياه و قضت على نهائيا التوازن البيولوجي و على وجود العديد من الأحياء كالأسماك التي كانت لا تزال معهودة خلال السبعينات من القرن الماضي. أما عن القوارب و الطوافات التي سبق ذكرها، فإننا نتسائل عن كيفية وجودها حتى من ناحيه المظهر المسيئ للذوق و للمنطق : إذ كيف يرخص لأشياء بهذه البشاعة في موقع بهذه الأهمية و الندرة الطبيعية، فيمزج الرأي العام بين مفهوم الفضاء الترفيهي وموقع حساس ذي أهمية بيئية استراتيجية للمنطقة؟
يعتمد إنقاذ و إنعاش موقع شلالات أوزود إلى وضع شراكة بين القطاعين العام و الخاص، تدمج الساكنة المحلية بشكل ربحي في إنشاء و إدارة منظومة إقتصادية بيئية محكمة، تحت نضارة مركزية و رقابة جهات رسمية مختصة في حماية البيئة.لن يمكن الحفاظ على شلالات أوزود إلا إذا إشترط وضع برنامج توعوي تحسيسي للساكنة المحلية، ييسر لهم فهم أبعاد الممارسات الصديقة للبيئة و يؤطرهم في تطوير فعاليات مهنية بديلة لما كانوا عليه، شرط أن تكون مربحة و مستدامة، تحترم طبيعة المكان و ترد له إعتباره و هويته الأصلية.
من الضروري تعجيل اتخاذ ما سبق ذكره من تدابير لإنقاذ شلالات أوزود والنظم البيئية المحيط بها، و من الضروري التوجه البديهي المسؤول إلى منطق السياحة البيئية من الجيل الجديد، فيوفَّق بواسطة آليات مستجدة، بين المفهوم الربحي و المسؤولية البيئية.