حدائق قصر فيلاندري Villandry واحدة من أكثر الحدائق الفرنسية تميزًا وجمالًا على الإطلاق…و هي تتميز بتأليفها الرفيع بين الجمالية و الوظيفية، حيث تزرع فيها من كل أنواع الخضر و الفواكه في إبداعات مناظرية تسلب الحواس.
تعتبر حدائق قصر فيلاندري Chateau de Villandry مزيجًا رائعًا من التاريخ المعماري و المناظري و الزراعي، وهي واحدة من وجهات السياحة التراثية البارزة في فرنسا و التي تستحق حقا الزيارة من قبل محبي الحدائق و الثقافة و فنون الزراعة.
يقع هذا القصر الرائع في وادي نهر اللوار Loire في منطقة تور Tours في فرنسا. تمتاز حدائق فيلاندري Villandry بتصميمها الفريد والمذهل الذي يجمع بين الجمال الطبيعي و رقي الثقافة المناظرية. إليك نظرة عامة على تاريخ هذه الحدائق وبعض التقنيات المستخدمة في تصميمها.
التاريخ:
تم تشييد قصر فيلاندري Villandry في القرن الرابع عشر، ومنذ ذلك الحين يجدد وتطوير حدائقه بشكل مستمر. في القرن السادس عشر… وفي القرن التاسع عشر، تم تجديد الحدائق مرة أخرى تحت إشراف عائلة الطبيب الباحث يواكيم كارفالو Joachim Carvallo ، حيث أعيد تصميمها بأسلوب عصر النهضة, رينيسانسي (Rennaissance) فرنسي كلاسيكي.
حديقة الخضروات المزخرفة صُمِِّمَت -كما ذُكِرَ – إبان العصور الوسطى، عندما كانت علوم الدين و الصيدلة و الزراعة و البستنة منحصرة على رجال الدين… وهلم جرا لما كان الرهبان هم مسؤولين عن تنفيذ الأشغال الزراعية والبستنة و ترجمة رمزيات التعاليم الدينية من خلال التصاميم و التنسيقات للفضاءات الزراعية.
تتكون حدائق فيلاندري من تسعة مربعات متطابقة الحجم، لكل منها نمطه الهندسي المتميز بمزيجه الخاص بين الخضار والزهور يختلف من مربع إلى آخر. وتُزرع هذه الخضروات في تناسق رفيع بين نبرات الألوان و في تناوب يعتمد على تغير اللوحات حسب الفصول : أزرق الكراث، وأحمر الملفوف والشمندر، وأخضر اليشم لأوراق الجزر، وما إلى ذلك. …ليوحي بطريقة تنسيقه لقعة شطرنج مزركشة.
يأتي التأثير الثاني على هندسة حدائق فيلاندري من عصر النهضة الإيطالي، حيث تم إثراء الحدائق الإيطالية بالعناصر الزخرفية والنوافير والتعريشات ومربعات الزهور و تم ترتيبها بمهارة من أجل جلب إنتباه الزوار و للتأليف الرفيع بين النفعي و الترفيهي.
إستفاد البستانيون الفرنسيون في القرن السادس عشر بعلوم و فنون الزراعة التي كان يلم بها الرهبان الفرنسيون والإيطاليون، فحددوا فضاءات لزراعة ما كانوا يحتاجونه من ورود و خضروات واردة من العالم الجديد (أمريكا)، أطلقوا عليها اسم “حديقة الخضروات المزخرفة“، فنظموا لكل عام مرحلتين زراعيتين : تكون أولاهما في الربيع، فتغطي فترة ما بين مارس و يونيو، تليها الثانية في الصيف، لتغطي فترة ما بين يونيو و نوفمبر.
يتم استخدام أربعين نوعًا من الخضار كل عام، تنتمي إلى ثماني عائلات نباتية. ويتجدد ترتيب هذه الخضار عند كل عملية غرس مع مراعاة قواعد تناغم الألوان والأشكال من جهة، والقيود البستانية التي تفرض تناوب المزروعات لمدة ثلاث سنوات من جهة أخرى، حتى يُتجنبَ إستنفاذ التربة و تفقيرها.
مكونات تصميم حدائق فيلاندري:
يستوحي تصميم حدائق فيلاندري من أكاديميات منظومة الحديقة الرينيسانسية (Rennaissance) الفرنسية، لتشمل بعض العناصر والمكونات التالية:
التماثيل والنوافير، حيث تحتوي حدائق فيلاندري على مجموعة كبيرة من التماثيل والنوافير المصممة بأسلوب رينيسانسي فرنسي، لتعزز من جمال وفخامة الحديقة.
الأراجيح والممرات: تضم الحدائق مجموعة متنوعة من الأراجيح والممرات التي تسمح للزوار باستكشاف الأمكان و تعو إلى وقفات تأمل أمام مشاهد و لوحات مناظرية.
المستنقعات والبرك: تضم الحدائق أيضًا مستنقعات وبركًا صغيرة، تظفي نعومة للأجواء الصيفية و تساعد في تحسين تنوع النباتات والحياة البرية.
الأشجار والزهور: تدخل في المنظومة التنسيقية لحدائق فيلاندري العديد من المسطحات المزهرة المتنوعة العطرة و خطوط من الأشجار المثمرة خلال المواسم الزراعية. على الرغم من أن منطقة اللوار La Loire تستفيد من مناخ محيطي دافئ ومعتدل، إلا أن فصول الشتاء غالبًا ما تكون قاسية وغير مناسبة على الإطلاق للأنشطة الزراعية.
تصميم هندسي دقيق: يعتمد تصميم الحدائق على هندسة دقيقة تشمل الاستمتاع بمناظر بانورامية للقصر والمناطق المحيطة به.
الصيانة المستدامة: تهتم حدائق فيلاندري بممارسات الزراعة المستدامة والصيانة للمحافظة على جمالها وبيئتها …وهو تحد مستمر تجاه كل … كالتغيرات المناخية و الأمراض الموسمية للنباتات و الأوبئة … و مع ذلك فإن عمليات الصيانة تتم فقط بطرق وقائية و بأدوية عضوية و صديقة للبيئة.