عادة ما يهتم المطورون العقاريون المختصون في إنشاء الأحياء السكنية لذوي الدخل المتوسط فأكثر، بإستغلال الكم الأكبر من مساحات الأراضي المتاحة للبناء، مقتصدة بذلك في آليات الجمالية و الرفاهية، …
و قد يؤدي هذا التصرف إلى تجاهل كل ما قد يُجنى من فوائد مضافة لو إستُثْمِر بشكل صحيح في تصاميم و تخطيطات الفضاءات الخارجية.

جودة الحياة تحددها نوعية فضاءات العيش و التعايش السليم الراقي بين أفراد المجتمع المصغر
يعتمد نجاح تصاميم الفضاءات الخارجية للمجمعات السكنية التشاركية من الجيل الجديد، على توفير فضاءات عيش و إنتعاش و تعايش إنتقائي منقطع عن ضغوطات العالم الخارجي … ليكون على هذه الفضاءات الخارجية أن تتميز من حيث جماليتها و الإبداع في وظيفية مكوناتها و في خلق فرص الإستمتاع عبر التوزيع الجيد لمواضيعها المناظرية.
يقسم الفضاء المناظري للمشاريع السكنية إلى صنفين مندمجين ليكونا المنظومة المناظرية في رمتها :

الفضاء المناظري المرتبط بالوحدات السكنية
هو منحصر في المساحة ”الصالحة للاستغلال“ لما تستثنى ” نواة المشروع“ و التي تتشكل من المبنى الرئيسي للوحدة السكنية و لحقاتها الضرورية.

يشكل هذا الفضاء المناظري أولا بأول، إستمرارا جماليا ومنطقيا للفضاء الداخلي للمساحة المبنية و هو ينقسم عموما إلى ثلاثة أو أربعة مناطق حسب نوعية و حجم المشروع :
- منطقة العبور : و توجد بين مدخل ”الملكية“ من الخارج إلى باب البيت،
- منطقة الإستقبال : وهي على شكل فضاء يشمل عريشة أو خيمة تستخدم لجلسة القهوة اليومية للعائلة أو كجلسة للضيافة،
- منطقة الفعاليات : غالبا ما تكون خلفمبنى البيت و هي تستخدم لإستقبال المقربين من الزوار أو لتناول الوجبات، قد تحتوي على مكان للطهي و مكانا للشواء.
- منطقة الترفيه : حيث تثبت ألعاب الأطفال و تمارس فيها بعض رياضات الكبار.
هذه الفضاءات الأربعة تعزل بعضها عن بعض بنسيج متناسق من الأشجار و الشجيرات و المتسلقات و النباتات القصيرة …
لن نتوقف هنا على ذِكْر و وصف خاصيات و مميزات النباتات المذكورة و باقي مكونات اللوحات الجمالية من إنارة و نوافير و مواد التبليط …إلخ….
الفضاء المناظري المشترك
على هذا الفضاء العام الذي يشكل ”الرواق المناظري“ … أن يعطي إيقاع الولوج التدريجي إلى المساكن.

بالإضافة إلى كون هذا الفضاء المناظري هو الذي يثَبِّت هوية المكان و يهبه تسلسلا منطقيا عبر لوحات موضوعية … وهو يقسَّم عموما على ثلاثة أو أربعة فضاءات فرعية حسب حجم المشروع :
- المداخل و فضاءات العبور : و تختلف أعدادها حسب حجم المشاريع و إحتياجات هذه الأخيرة. ويتميز كل مدخل بهويته البصرية وفضاء العبور التابع له ببصمته المناظرية الخاصة.
- المسارات و الممرات: و هي تعتبر من الركائز الأساسية لهيكلة المنظومة المناظرية، معززة موضوعية و جمالية الولوج إلى الأماكن، مميزة بعضها عن بعض.
- فضاءات الجلوس و الإستراحة : و هي توفر مساحات للإستجمام و الإسترخاء، على شكل محطات عبر و في إنتهاء المسارات، تهدي زوايا مناظرية (بركة، شلال، سُرُرٌ مزهرة و أحواض من النباتات العطرية،…) و تعطي النمط و التسلسل الموضوعي.
- فضاءات الفعاليات و الترفيه : و التي هي مصممة لممارسة الرياضة أو لإستضافة حفلات أو أنشطة ثقافية و فنية.
الفضاءات الخارجية هي أولاً وقبل كل شيء فضاءات عيش و بناء نسيج مجتمعي مقرب. من خلال مساراتها و مختلف زواياها. هي الأجواء التي تكون مرتعا للكبار و متنفسا سليما يهدي للصغار
التسويق الناجح للمشاريع السكنية غير مرتبط بالتسهيلات في التمويل و الأداء، بقدر ما هو مرتبط بشكل جد وطيد مع ما توفره هذه المشاريع من جودة حياة، و محيطات عيش مُريحة و جمالية مُلهمة، و مكونات رفاهيةٍ تلائم التطور السليم للساكنة و نمو و تررع أطفالهم … و لربما هذا هو الدافع الحقيقي الذي قي يكون لتملك السكن الخاص.