علينا بالسؤال إذا كانت تقنيات الزراعة ”العصرية“ هي حقيقة مناهج ذات نفعِ بيِّنٍ و جَلِيّ أم … أنها فقط موضة عابرة … مدة قرن أو أكثر … عبر الأزمنة و الأمكنة.
علينا بكل نزاهة علمية أن نأخذ في اعتباراتنا أن تقنيات الزراعة و البستنة الحديثة قد نشأت قبل أقل من 150 عامًا …فقط ! أي في سياق و في أعقاب الثورة الصناعية الأولى ثم الثانية…من المهم أن نتذكر إذن أن تقنيات الكيماويات الزراعية المتداولة في زراعاتنا المعاصرة … سواء لحماية النباتات أو لتخصيبها أو لتسريع نضجها … ليست سوى من إرث فترة ما بعد الحربين العالميتين اللتان خلفتا ما خلفتا من ما نعرفه و مما لا زلنا نجهله… من التأثيرات على الصحة و على البيئة …بوقع كابوسي على الطفرات الوراثية لجميع الكائنات الحية… وأن العديد من المبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات ومحفزات النمو المستخدمة بشكل روتيني و عفوي في الزراعة والبستنة المعاصرة هي بدون أدنى شك مواد خطرة و سَمِّيّة للغاية !…
…تلك المواد… التي نمتصها عبر الماء و الهواء و الأغذية اليومية …بل حتى على شكل آثار دقيقة في العديد من المكملات الغذائية والمشروبات …لها تأثير متأخر … على أطفالنا ومجتمعاتنا قد يظهر على عقود بشكل مباشر أو غير مباشر.. لكن لا محالة بكل تأكيد ، حيث لا يزال لديها تأثير مباشر أو غير مباشر على الأمراض والتشوهات الفسيولوجية واضطرابات الغدد الصماء و الأجهزة المناعية التي تصيب العديد من البشر في عمر الزهور. علينا أن نكون واعين بكل هذا …حتى إذا لم نكن نعاني منه … حيثما كنا … حول العالم.
كيف نضمن الإكتفاء الغذائي في زمن الإكتضاد الأقصى للساكنة على وجه الأرض ؟
إن الرجوع إلى الأصل أصل …و لا يمكننا أبدا أن نصارع قوانين الطبيعة … و لا يسعنا سوى أن نستمع إلى نبضها و أن نستوعب لغتها و أن نرافق إيقاعاتها …
فبهذه الطريقة المتبصرة فقط … عاشت حضارات غابرة ، مدى قرون عديدة …ضامنة إزدهارها و رفاهيتها و نعيمها …دون أدنى حاجة إلى ما هو متوفر لدينا اليوم من تكنولوجيات جد متطورة … لأنه في أول الأمر و في نهايته … تكون وحدات القياس الحقيقية و بكل بساطة … هي الإنسان و منظومات الحياة … وقد خلقوا على أنماط أزلية مرتبطة بكل حميمية … بالمحيطات الطبيعية و بالأر ض و بالمناخ … و لن يمكن نجاح أي منظومة زراعية على المدايين المتوسط و الطويل … إلا بإحترام أساسيات و بديهيات لغة الطبيعة.